فصل: الشاهد الثالث والسبعون بعد الثمانمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن مهلك الشيخ أبي محمد بن الشيخ أبي حفص وولاية عبد الرحمن ابنه.

كانت وفاة الشيخ أبي محمد فاتح سنة ثمان عشرة وستمائة ولما هلك ارتاع الناس لمهلكه وافترق أمر الموحدين في الشورى فريقين بين عبد الرحمن بن الشيخ أبي محمد وابراهيم ابن عمه إسماعيل بن الشيخ أبي حفص فترددوا مليا ثم اتفقوا على الأمير أبي زيد عبد الرحمن ابنه وأعطوه صفقة إيمانهم وأقعدوه بمجلس أبيه في الإمارة فسكن الثائرة وشمر للقيام بالأمر عزائمه وأفاض العطاء وأجاز الشعراء واستكتب أبا عبد الله ابن أبي الحسن وخاطب المستنصر بالشأن وخرج في عساكره لتمهيد النواحي وحماية الجوانب إلى أن وصل كتاب المستنصر بعزله لثلاثة أشهر من ولايته حسبما نذكره فارتحل إلى المغرب ومعه إخوانه وكاتبه ابن أبي الحسين ولحق بالحضرة.

.الخبر عن ولاية السيد أبي العلا على أفريقية وابنه أبي زيد من بعده وأخبارهم فيها واعتراضهم في الدولة الحفصية.

لما بلغ الخبر إلى مراكش بمهلك أبي محمد بن أبي حفص وقارن ذلك عزله السيد أبي العلا من أشبيلية ووصوله إلى الحضرة مسخوطا: وهو أبو العلا إدريس بن يوسف عبد المؤمن أخو يعقوب المنصور وعبد الواحد المخلوع المبايع له بعد ذلك وعول على الوزير ابن المثنى في جبر حاله فسعى له عند الخليفة وعقد له على أفريقية ووصل الخطاب بولايته ونيابة إبراهيم بن إسمعيل بن الشيخ أبي حفص عنه خلال ما يصل واستقدام أبناء الشيخ أبي محمد إلى الحضرة وقرىء الكتاب شهر ربيع الأول من سنة ثماني عشرة وستمائة فقام الشيخ بالنيابة في أمره واستعمل أحمد المشطب في وزارته وغلب بطانته وأساء في الموالاة لقرابته واختص أبناء الشيخ أبا محمد بقبيحة وظن امتداد الدولة له ووصل السيد أبو العلا شهر ذي القعدة من السنة فنزل بالقصبة ونزل ابنه السيد أبا زيد بقصر ابن فاخر من البلد ورتب الأمور ونهج السنن.
ولشهر من وصوله تقبض علي محمد بن نخيل كاتب الشيخ أبي محمد وعلى أخويه أبي بكر ويحيى واستصفى أموالهم واحتاز عقارهم وضياعهم وكان المستنصر عهد إليه بذلك لما كان أسفه بفلتات من القول والكتاب تنمى إليه أيام رياسته في خدمة أبي محمد فاعتقلهم السيد أبو العلا ثم قتله وأخاه يحيى لشهر من اعتقالهما بعد أن فر من سجنه وتقبض فقتل ونقل أبو بكر إلى مطبق المهدية فأردع به.
وخرج السيد أبو العلا من تونس سنة تسع عشرة وستمائة في عساكر الموحدين إلى نواحي قابس لقطع أسباب ابن غانية منها فنزل قصر العروسيين وسرح ولده السيد أبا زيد في عسكر من الموحدين إلى درج وغدامس من بلاد الصحراء لتمهيدها وجبايتها وقدم بين يده عسكرا آخرا لمنازلة ابن غانية بودان وواعدهم هناك منصرفة من غدامس فأرجف بهم العرب في طريقهم بمداخلة ابن غانية ومال بذله في ذلك فانفض العسكر وزحفوا إلى قابس وأهمل السيد أبو زيد في غدامس إليهم فلقيه خبر مفرهم فلحق بأبيه وأخبره بالجلى في أمرهم فسخط قائد العسكر وهم بقتله وطرق السيد أبا العلا المرض فرجع إلى تونس وبلغه أن ابن غانية نهض من ودان إلى الزاب وأن أهل بسكرة أطاعوه فسرح السيد أبا زيد في عساكر الموحدين إليه ودخل ابن غانية الرمل فأعجزهم.
ورجع السيد أبو زيد إلى بسكرة فأنزل بهم عقابه من النهب والتخريب ورجع إلى تونس ثم بلغه أن ابن غانية قد رجع إلى جوانب أفريقية واجتمع إليه أخلاط من العرب والبربر فسرح السيد أبا زيد إليه في العساكر ونزل بالقيروان وخالفه ابن غانية إلى تونس فقصده السيد أبو زيد ومعه العرب وهوارة بظعائنهم ومواشيهم.
وتزاحفوا بمجدول فاتح إحدى وعشرين وستمائة واشتد القتال وعضت الموحدون الحرب وأبلى هوارة وشيخهم بعرة بن حناش بلاء جميلا وضرب ابنتيه وتناغوا في الثبات والصبر فانهزم الملثمون وانجلت المعركة عن حصيد من القتلى من أصحاب ابن غانية واستولى الموحدون على معسكرهم.
وكان بلغ السيد أبا زيد خبر مهلك أبيه السيد أبي العلا بتونس في شعبان سنة عشرين وستمائة فلما فرغ من مواقعة ابن غانية رجع إلى تونس وأقصر عن متابعته وخاطب المستنصر بمهلك أبيه وواقعة الملثمين وكان المستنصر قد عزله واستبدل منه بأبي يحيى بن أبي عمران التينمللي صاحب ميورقة ولم يصل إليه الخبر بعزله بعد وهلك الملك المستنصر إثر ذلك سنة عشرين وستمائة وولي عبد الواحد المخلوع بن يوسف بن عبد المؤمن فنقض تلك العقدة وكتب إلى السيد أبي زيد بالإبقاء على عمله ونقض ما أصدر المستنصر من عزله فأرسل عنانه في الولاية وبسط يده في الناس بمكروهه وتنكرت له الوجوه وانحرف عنه الناس بما كانوا عليه من الصاغية لأبي محمد بن أبي حفص وولده الى أن عزل واستبدل بهم كما نذكره وركب البحر بذخائره وأهله فلحق بالحضرة.